"حجاج" احد شعراء اسوان المنسيين

الأسواني حجاج الباي

أحد شعراء الصعيد المنسيين، موهبته لا تقل عن موهبة شعراء جيله، ممَنْ حظوا بالشهرة، مثل: الأبنودي، وأمل دنقل، وعبد الرحيم منصور، ولكن اختياره للعائلة ولبلده أسوان، كان له الدور الأكبر في بعده عن أضواء القاهرة.

فأحمد محمد الباي، المشهور بـ “حجاج الباي” ولد في أسوان عام 1935، بمدينة إدفو، وحصل منها على دبلوم المدارس الثانوية الزراعية، والتحق بالعمل في مديرية الزراعة بأسوان.

تبدو حياة حجاج بسيطة وعادية على عكس حياة الشعراء المليئة بالصخب، وعلى الرغم من شهرته كأحد شعراء العامية، إلا أن بداية كتاباته الشعرية كانت بالفصحى، فكان مع حلول عام 1952 يكتب شعرًا تقليدي بالفصحى، وكان يتواصل مع الصحف والمجلات لنشره، ثم شرع في كتابة شعر الفصحى الحديث وبعض الأزجال العامية عام 1958، ليتجه بعدها كليًا نحو العامية، التي كان يعتبر الشعراء فؤاد حداد، وصلاح جاهين رائدين له فيها.

حتى يُطور من شعره قرر هو ومجموعة من شعراء الصعيد الشبان، وقتها، مثل: أمل نقل، وعبد الرحمن الأبنودي، وعبد الرحيم منصور، أن ينتقلوا إلى القاهرة، وأقاموا بجامعتها الأمسيات الشعرية، ولكن حجاج لم يستطع أن يمكث في القاهرة طويلًا لالتزامه تجاه أسرته وأولاده، ففضلهم على حساب شهرته، وموهبته.

لكن بقاءه في الجنوب لم يكن هادئًا، ولم يسمح له بإهمال موهبته، فاشتهر بمؤتمرات أدباء الأقاليم، التي كان يحرص على حضورها، حيث فاز بجائزة الشعر الأولى في مؤتمر الشباب الدباء بالزقازيق عام 1969، كما حصل على جائزة المجلس الأعلى لرعاية الفنون الآداب والعلوم الاجتماعية عام 1970، ونال جائزة الثقافة الجماهيرية عام 1972، وفي عيد الفن والثقافة الأول تم تكريمه بالحصول على الشهادة التقديرية عام 1979.

عدم تعرضه للشهرة والأضواء، وأخذ فرصته في الظهور، لم يوقفاه عن الإبداع، فقد ألف العديد من الأوبريتات لفرقة أسوان للفنون الشعبية، وكان يصنع بهجة الأطفال بطريقته، فكان يقوم بتأليف المسرحيات للحفلات المدرسية بأسوان، واستطاع حجاج أن يُصدر أول دواوينه في منتصف الثمانينات، وكان اسمه “حكاية عروس البحر”، وتعد أشهر قصائده بالديوان “المغنواتي”، ويقول فيها:

قول يا مغنواتي قول
وتَّر وسمعنا
لما الربابة تئن
ممكن قلوبنا تحن
والشوق يجمعنا
قول يا مغنواتي قول
والله ما ضيعنا
إلا سكات الطير عن المغنى
الليل مالوش معنى
إلا الرباب إن قال
واتسحب الموّال
على جرح يوجعنا

وكان من المفترض أن يُصدر حجاج دواوين آخرى منها ديواني “الحلم في الممنوع” و”الريح والنخل والغراب”، ولكنه لم ينشرهما، وفارق الحياة منسيًا، كما عاشها، في 21 أبريل 1991، وهو لم يكمل عامه السادس والخمسين.