الرجل الذي اكتشفوه الأسبوع الماضي في أندونيسيا، وعلموا أن عمره 145 سنة، هو "تحفة نادرة" في التاريخ، فلا أحد بسجلات أي دولة، امتد به العمر إلى أرذله مثله، بل زاد عن المحدد في التوراة، بأن لا يطول عمر أي إنسان على الأرض بعد طوفان نوح أكثر منه، وهو 120 سنة.
بالعبارة الثالثة من الاصحاح السادس في "سفر التكوين" بالتوراة، نقرأ: "فقال الرب لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لزيغانه، هو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة" في إشارة واضحة إلى أن أي إنسان لن يعيش بعد الطوفان الذي غمر الأرض، ولا ندري متى كان زمانه تماما، أكثر من الوارد بسفر "التكوين" في حين نجد بصورة هوية الأندونيسي Mbah Gotho التي تنشرها "العربية.نت" أدناه، أنه ولد في 31 ديسمبر 1870 وأن عمره أكثر من 25 سنة و8 أشهر مما حددته التوراة.
دائرة الأحوال الشخصية بجزيرة جاوة أكدت أن هويته صحيحة 100 % وتم التدقيق بما فيها
الحكومة الأندونيسية أكدت أن الهوية التي أصدرتها في 26 أغسطس 2014 لغوثو، المقيم ببلدة Segeran في جزيرة "جاوة" الواقعة فيها جاكرتا، عاصمة أندونيسيا "خضعت لتدقيق كسواها من الأوراق الثبوتية" على حد ما نقلت وسائل إعلام محلية عن وزارة الداخلية بشأنها، وفيها نجد ختم دائرة الأحوال الشخصية بالوزارة وتوقيع المسؤول فيها، كما نجد إلى اليسار بصمة "غوثو" الذي لا يقرأ ولا يكتب، ولا يزال يدخن للآن.
تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد
ومع أن أي إنسان يدفع ما فوقه وتحته ليعيش زيادة عن المقدر له، مهما كان، إلا أن "غوثو" الذي توفي أشقاؤه العشرة وزوجاته الأربع، ممن توفيت آخرهن قبل 82 سنة. كما توفي أبناؤه أيضا، ولم يبق من أقربائه سوى بعض أحفاده وأبناؤهم وأحفاد الأبناء، لا يرغب بالمزيد، وفق ما ذكر لإحدى وسائل الإعلام المحلية، وكأنه بدأ يمارس عمليا ما استغرب منه "فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة" أبو العلاء المعري، حين قال: تعب كلها الحياة فما أعـ... جب إلا من راغب في ازدياد.
كتبوا عن "غوثو" الكثير بوسائل إعلام عالمية في اليومين الماضيين، نقلا عن المحلية بأندونيسيا، وأهمه أنه أصبح يتمنى الموت الذي بدأ يستعد منذ 1992 لحلول موعده معه، إلى درجة أنه جهّز حجارة قبره منذ مدة، بعد أن اختار موقعه مجاورا لقبور أبنائه وأحفاده، لأنه أصبح يشعر بالضعف الجسدي منذ 3 أشهر بشكل خاص، وبالحاجة لمن يساعده على تناول طعامه ونظافة جسمه.
غوثو في 3 صور، احداها بين مسؤولين حكوميين في أندونيسيا
غوثو، الذي يحتاج إلى تأكيد من القيّمين على كتاب "غينيس" للأرقام القياسية، ليضموه بين صفحاته كالأكبر سنا على وجه الأرض، قديما وحاليا، مع أننا نراه في الفيديو الذي تعرضه "العربية.نت" بتقاسيم جلدية وملامح تدل فعلا على عمره القياسي، يقضي وقته في الاستماع للراديو "لأن نظره أصبح ضعيفا ولا يمكّنه من النظر إلى الشاشة التلفزيونية" أجاب من سألوه عن سر عمره الطويل، بأنه "الصبر" في المقام الأول، فيما ذكر أحد أحفاد أحفاده، أن والده يأتيه منذ كان عمره 122 سنة بمعظم احتياجاته.
وعودة إلى الوارد في التوراة عن الحد الأقصى لما يمكن أن يعيشه إنسان على الأرض بعد حادثة الطوفان، وهو 120 سنة، فإننا نجد من مدافعين عن التوراة، تفسيرات غريبة للتملص مما يمكن اعتباره "ورطة" لوجستية فيها، وليس بينها أي تفسير أو شرح أو يرضي المنطق والعقل السليم، كتفسير يذكر أن المدة المحددة ليست لعمر الإنسان، إنما "عندما أراد الله إهلاك العالم بسبب الشر، لم يهلك البشر حالا، إنما تأنّى عليهم 120 سنة فعلَّهم يتوبون، ولكنهم لم يتوبوا رغم تحذير وإنذار وكرازة نوح البار" أي أن المدة هي انتظار "الرب" لتوبتهم وبين حادثة الطوفان، لا تحديدا لعمر الإنسان كحد أقصى.
الفرنسية جيان كالمان، لا زالت في غينيس، كأكثر من امتد به العمر في تاريخ البشرية المعروف
وهناك من سبقت "غوثو" الأندونيسي ببلوغها عمرا يزيد عن المحدد بالتوراة، ولكن بسنتين فقط، وهي الوارد اسمها في "غينيس" كأطول من امتد به العمر في تاريخ البشرية، الفرنسية Jeanne Louise Calment الأصغر من غوثو بأكثر من 23 سنة، وفق الوارد عنها بموقع "ويكيبيديا" المعلوماتي، فقد ولدت في 24 فبراير 1875 وتوفيت في 4 أغسطس 1997 تاركة ابنا واحدا فقط. والغريب أن "غينيس" شرح بأنها الوحيدة التي تم التأكد من أنها بلغت أكثر من 120 عاما، والسبب ربما هو التذكير بالوارد عن هذا العمر بالذات في التوراة.